الأجواء السعودية- ملاذ الطيران العالمي وأمان وقت الأزمات

المؤلف: منيف الحربي11.16.2025
الأجواء السعودية- ملاذ الطيران العالمي وأمان وقت الأزمات

منذ بضعة أسابيع، ومع إعلان بعض دول المنطقة إغلاق أجوائها، شهدت المملكة العربية السعودية تدفقًا هائلاً للطائرات من منطقة الخليج العربي شرقًا والبحر الأحمر غربًا، حيث امتلأت سماء المملكة بالعديد من الطائرات التي تعود لشركات نقل جوي عالمية، قادمة من مختلف مدن العالم و متجهة نحو وجهات مماثلة، وبشكل مذهل، وصل متوسط عدد الطائرات في اللحظة الواحدة إلى ما يزيد على مائتين وثلاثين طائرة!

‏يتجلى هذا المشهد الاستثنائي بشكل دوري كلما تفاقمت الصراعات أو تصاعدت التوترات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تُعتبر الأجواء السعودية ملاذًا آمنًا لحركة الطيران العالمية، بما تحمله هذه العبارة من معانٍ عظيمة وقيمة كبيرة.

‏وعندما نذكر "الحركة الجوية العالمية"، فإننا نعكس حقيقة أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على المملكة بميزة جغرافية استثنائية، تتمثل في موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات حيوية؛ آسيا وأفريقيا وأوروبا، علاوة على ذلك، منح الله المملكة مساحة شاسعة تقدر بربع مساحة قارة أوروبا بأكملها، وتتجاوز مساحة دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وهولندا مجتمعة!

‏في الماضي، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وأيضًا خلال الغزو الأمريكي للعراق، وفي شهر أبريل الفائت عندما قامت إسرائيل بقصف بعض المواقع الإيرانية، تكرر السيناريو ذاته، ومن المتوقع أن يتكرر في المستقبل متى ما استجدت الظروف المشابهة، إن التقدم التقني يساهم بفاعلية في زيادة الوعي دون تشويه للحقائق، فقبل أشهر قليلة تداول الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو من تطبيقات حركة الطيران، والتي كشفت عن خلو الأجواء الإيرانية والعراقية والأردنية والإسرائيلية تمامًا من حركة الطائرات لعدة أيام متتالية، بينما كانت سماء المملكة مكتظة بأعداد هائلة من الطائرات، بما في ذلك تلك التي لم تكن مساراتها المعتادة تمر عبر الأجواء السعودية، وفي تلك الفترة انتشر بين الناس بيتان من الشعر للشاعر السوداني الشاذلي العجب، يعبران عن هذا الواقع:

‏عند سلمان ما تسمع بلوّه وليته..

‏يوم بعض المشايخ بين ليته ولوّه.

‏قد سمعنا بشيخٍ تزبن الناس بيته..

‏ما سمعنا بشيخٍ تزبن الناس جوّه!

‏إنها لحقيقة تبعث فينا الفخر والاعتزاز، فالموقع الجغرافي المتميز للمملكة وثقلها السياسي المرموق، هما من فضل الله عز وجل، ثم بفضل القيادة الرشيدة التي أولت قطاع الطيران (كما هو الحال مع القطاعات الأخرى) اهتمامًا بالغًا واستثمارًا كبيرًا في التقنية المتطورة والكوادر البشرية المؤهلة، والجدير بالذكر أن إدارة المجال الجوي السعودي تتم بالكامل بواسطة كوادر وطنية سعودية بنسبة 100%، يتمتعون بمستوى عالٍ من الكفاءة والتدريب المتميز، مما يمكنهم من إدارة حركة الطيران الكثيفة بكل يسر وسلاسة وأمان تام.

‏لقد حظي قطاع الطيران المدني السعودي تاريخيًا بمكانة رفيعة وتقدير كبير على الصعيد الدولي، فالمملكة العربية السعودية كانت من أوائل الدول التي قامت بالتوقيع على "اتفاقية شيكاغو" في أربعينيات القرن الماضي، وتعتبر من أهم الدول الداعمة والفاعلة في صناعة الطيران على مدى ثمانين عامًا.

‏نسأل الله العلي القدير أن يحفظ هذه البلاد المباركة التي أرضها معطاءة وسماؤها واقية، وأن يعز قيادتها الحكيمة ويرزقنا دوام الأمن والرخاء والازدهار الدائم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة